التعليم الروسي للمواطنين التونسيين

الصورة الرئيسية للمقالة

يستمرُ تاريخ التعاون التونسي - الروسي بين الدولتين في مجال التعليم والعلوم لأكثر من نصف قرن من الزمن. إذْ أنهُ في عام 1966 ميلادية، تم إفتتاح المركز الروسي للعلوم والثقافة في تونس، والذي كان بمثابة وسيلة نقل للتقارب الإنساني بين البلدين. كما أنهُ كان يأتي العشرات من الطلاب التونسيين إلى الإتحاد السوفيتي كل عام للحصول على التعليم العالي في مختلف مجالات المعرفة. وعند عودتهم إلى وطنهم، أصبح هؤلاء الخريجين أطباء، ومهندسين، ومهندسين زراعيين، ومدراء بارزين في مجالات عملهم. ويُحدثنا السيد / يوري زايتسيف، مدير المكتب التمثيلي لهيئة التعاون الروسية في تونس عن الفرص المتاحة للمواطنين التونسيين الذين يرغبون بالدراسة في روسيا، وما هو الدعم الذي يقدمهُ البيت الروسي في تونس وما هي ميزات التسجيل والقبول.

تونس - والإتحاد السوفيتي في الأمس

بدأ التعاون الفعال والنشط في مجال تطوير التعليم بين الإتحاد السوفيتي والجمهورية التونسية بظهور وتأسيس المبنى الخاص بالمركز الروسي للعلوم والثقافة. ومنذُ عام 1971 ميلادية، تم إرسال عشرات الطلاب التونسيين للدراسة في الإتحاد السوفيتي كل عام. حيثُ شكلتْ تجربة التدريب والدراسة الناجحة للموظفين المؤهلين بين المواطنين التونسيين فكرة عامة عن التعليم الروسي، والتي لا تزالُ تُعتبر مرموقة ومرغوبٌ بها في البلاد.

وعلى مدار سنوات التعاون الثنائي بين البلدين، تم إعداد مجموعة من المتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً في تونس، إذْ حصل هؤلاء الخريجين على تعليمهم في الجامعات الروسية والسوفيتية، ومنهم: الأطباء، والمهندسين، والمهندسين الزراعيين، والإقتصاديين، والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، والمديرين، والمحامين، والمتخصصين في مجال العلاقات الدولية والسياحة. وعلى مدى السنوات الـ 50 الماضية، كان الطلب على الخريجين من الجامعات الروسية يزدادُ في العديد من مجالات الإقتصاد التونسي السريع النمو والتطور. وبالنظر إلى تلك الظروف، أصبح منطقياً تأسيس الجمعية التونسية لخريجي الجامعات السوفيتية في عام 1986 ميلادية، والتي تعملُ كمنظمة غير ربحية منذُ عام 1989 ميلادية.

الحقيقة الرائعة: تونس هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي تتمتع فيها اللغة الروسية بالوضع الرسمي كلغة للتعليم الإضافي في المدرسة الثانوية (المدارس الثانوية). وفي عام 2003 ميلادية، وافقتْ وزارة التربية والتعليم في الجمهورية التونسية على البرنامج الرسمي لتدريس اللغة الروسية في المدارس الثانوية. الآن يتم تدريس اللغة الروسية في 15 مدرسة في 10 مدن، حيثُ يزيدُ عدد طلاب المدارس الثانوية عن 1000 شخص. وتُساهمُ هذه الظروف بشكلٍ كبير في نمو وزيادة الإهتمام بالتعليم الروسي في تونس – إذْ يتقدمُ العديد من طلاب المدارس الثانوية بعد الإنتهاء من دراستهم في التعليم الثانوي للحصول على منحة دراسية من حكومة روسيا الإتحادية ويواصلون دراستهم في روسيا.

تونس - وروسيا اليوم

اليوم، يدرسُ أكثر من 1000 مواطن تونسي في مختلف التوجهات والتخصصات الدراسية في روسيا.

يعمل البيت الروسي (المركز الروسي للعلوم والثقافة)

في تونس بنشاط وبشكلٍ هادف وموجه على إعلام طلاب المدارس الثانوية التونسيين بفرص التعليم العالي في روسيا. حيثُ يتضمنُ البرنامج الشامل لأحداث وفعاليات البيت الروسي أيضاً على العديد من الأحداث الثقافية والتعليمية. زار موظفو البيت الروسي 5 من المدارس الثانوية خلال العام الماضي، حيثُ تتمُ فيه دراسة اللغة الروسية في ثلاث مدن مختلفة. كما يوجدُ فيها العروض التعليمية الروسية، ودروس في اللغة الروسية، والتعرف على الثقافة والتقاليد الروسية، والدروس المفتوحة، والمحاضرات، والدروس الأخرى، والرحلات المشتركة باللغة الروسية - هذه القائمة غير كاملة من الأنشطة التي بدأها، وقام بها، ودعمها مكتب التمثيل لهيئة التعاون الروسية. كما يُشاركُ طلاب المدارس الثانوية بنشاط في المسابقات التي يتمُ تنظيمها للأجانب، ويستخدمون خدمات المكتبة الموجودة في البيت الروسي.

في الجولة التأهيلية السابقة، كان عدد المنح الدراسية المجانية لتونس 40 منحة دراسية. مع الأخذ في الإعتبار إلى الطلب المتزايد على التعليم الروسي، ونشاط المكتب التمثيلي والدعم من هيئة التعاون الروسية، تم زيادة عدد المنح الدراسية بمقدار 25 منحة دراسية. كما أنهُ وفقاً لنتائج الحملة التأهيلية الأخيرة، حصل 65 تونسياً على الفور الحق في التعليم المجاني في الجامعات الروسية.

ولذلك، فإنهُ في عام 2016 ميلادية، حصلتْ الجمهورية التونسية على 16 منحة دراسية فقط من عدد المنح. وفي العام الدراسي 2022/2023 ميلادية، إرتفع عدد تلك المنح الدراسية بالفعل إلى 40 منحة، ومع مراعاة النتائج التي حققتها نتائج هذه الحملة، خصصتْ حكومة روسيا الإتحادية 60 منحة دراسية لمواطني الجمهورية التونسية للعام الدراسي 2024/2025 ميلادية. كان متوسط الأشخاص الذين يتنافسون في الحملة التأهيلية الأخيرة للمنح حوالي 4 أشخاص على كل منحة دراسية.

تونس هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي تتمتع فيها اللغة الروسية بالوضع الرسمي كلغة للتعليم الإضافي في المدرسة الثانوية.

المنح الدراسية المجانية التي تُقدمها حكومة روسيا الإتحادية

يُحاولُ معظم الشباب الحصول على فرصة للدراسة مجاناً في روسيا من خلال المنح الدراسية الحكومية. إذا لم يكن من الممكن النجاح في مسابقة الإختيار على أساس تنافسي، فهناك فرصة لمواصلة الدراسة على أساس مدفوع على حساب ونفقة الطالب. يوجدُ اليوم في تونس عدد من الشركات الخاصة التي تُقدمُ خدمات لتنظيم الدراسة في روسيا بموجب عقد دراسي مدفوع على حساب ونفقة الطالب يتمُ إبرامهُ مع الجامعة.

كما يقوم البيت الروسي بنشر جميع المعلومات اللازمة حول المنح الدراسية المجانية التي يتمُ نشرها على صفحات ومواقع التواصل الإجتماعية، ويضعُ المواد المرئية مباشرةً في البيت الروسي في تونس. كما يلعبُ الزملاء من الجمعية التونسية لخريجي الجامعات السوفيتية، وكذلك الجمعيات التونسية الأخرى ("التراث الروسي"، "والجمعية التونسية لمُدرسي اللغة الروسية وآدابها") دوراً مهماً في نشر المعلومات الموثوقة.

وبعد الإنتهاء من قبول الطلبات من المرشحين للحصول على المنح الدراسية المجانية، تقومُ لجنة خاصة بإختيار الأشخاص المرشحين للدراسة. كما تشملُ لجنة الإختيار، التي تعملُ في البيت الروسي في تونس  ما يلي:

  • ممثلون عن سفارة روسيا الإتحادية في الجمهورية التونسية
  • ممثلون عن السلطات والجمعيات الرسمية للجمهورية التونسية
  • ممثلون عن جامعات روسيا الإتحادية

يتمُ تصنيف المرشحين ومنح النقاط الدراسية لهم وفقاً للنظام المعمول به، حيثُ يكون المعيار الرئيسي هو الوثيقة التعليمية الدراسية (بمعدل 80 ٪ من النتيجة النهائية). كما تُؤخذُ الإنجازات والنجاحات الفردية كذلك في الإعتبار بناءاً على أساس الوثائق المرفقة مثل: (الشهادات الدراسية، وشهادات التقدير، وخطابات التوصية وغيرها من الوثائق الأخرى ذات الصلة) - والإنجازات في مجال الرياضة، والفن، والدراسات، والأنشطة التطوعية، وإتقان اللغة الروسية واللغات الأجنبية الأخرى (بمعدل 20 ٪ من النتيجة النهائية).

المجالات والتخصصات الدراسية التي يوجدُ عليها طلب

تقليدياً، كانت المجالات والتخصصات الطبية هي الأكثر شعبية بين جيل الشباب. ويرجعُ ذلك إلى المكانة العالية لهذه المهنة وعلى الطلب المتزايد على الأطباء المؤهلين من جميع التخصصات الدراسية الأخرى.

وفي السنوات الأخيرة، زاد الطلب على الدراسة في التخصصات الدراسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات بشكلٍ كبير. ويُمكنُ تفسير ذلك برغبة المجتمع والإقتصاد التونسي في التوجه نحو الرقمنة التدريجية، وهذا الأمر يتطلبُ وجود عدد كبير من المتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً في هذا المجال.

كما أنَّ المجالات والتخصصات الدراسية في الإقتصاد، وفي الإدارة لا يزالُ يوجدُ عليها طلب. وغالباً ما يسعى العديد من المرشحين الذين درسوا اللغة الروسية في المدارس الثانوية أو في مؤسسات التعليم العالي في تونس إلى مواصلة دراسة اللغات في روسيا، وإختيار مجالات الدراسة في العلاقات الدولية، والدراسات الإقليمية الأجنبية، والدراسات الشرقية والإستشراق، والقانون الدولي.

من بين المرشحين لحملة الإختيار الأخيرة للحصول على المنح الدراسية المجانية، زاد عدد الطلبات المتعلقة بالدراسة في مجالات مثل: الهندسة المعمارية، والتصميم بشكلٍ كبير، وهناك إهتمام بالمهن في مجال الفن الموسيقي.

كما تتمثلُ إحدى المهام الرئيسية للبيت الروسي في تونس في دعم التونسيين الذين أكملوا دراستهم في روسيا. ويجدُ معظم الخريجين بنجاح وظائف في الشركات المحلية أو الروسية، ويبدأون الأنشطة الطبية أو التعليمية في وطنهم، حيثُ يُساعدهم التعليم الروسي بلا شك في هذا المجال كونهُ يُعتبرُ نوعاً من علامة الجُودة.

ومع ذلك، فإنهُ على الرغم من مكانة التعليم الروسي، يحتاجُ العديد من الطلاب إلى مزيد من المساعدة في مجال التوظيف. وبهذا الخصوص، يُخططُ البيت الروسي لتقديم المساعدة للخريجين التونسيين من الجامعات الروسية، والمساعدة اللازمة وتقديم الدعم الإستشاري لهم.

 

المكتب التمثيلي لهيئة التعاون الروسية في تونس، Telegram

 

٢٥.١٠.٢٠٢٣
الفئات
العلامات
المقالات في مجلة HED
للأعلى