اللغة تتغير بإستمرار، يحدث هذا بسرعة الآن، وخاصة في عصر الإنترنت والشبكات الإجتماعية. إذ أصبحت الرموز التعبيرية وغياب علامات الترقيم طريقة مألوفة وسريعة لنقل أفكارك ومزاجك إلى الطرف الآخر الذي تتحاور معه. ولكن هل هي دائماً مناسبة؟ كيف غيرت شبكة الإنترنت اللغة، وهل يوجد هناك معايير للتواصل عبر الإنترنت؟
في السابق، كان الحديث تقليدياً ينقسم إلى قسم شفهي وقسم خطي مكتوب، ولكن مع ظهور الإنترنت ومراسلات الماسنجر الفورية، تم كسرُ هذا التصنيف الواضح. إذ أن اللغويين قدموا مصطلحاً جديداً – هو "الكلام الشفهي والمكتوب". من جهة، نحن نستخدم الكلام بمساعدة الإشارات والرموز المكتوبة، ومن جهة أخرى – نستخدمها في الحوارات السريعة والعفوية، والتي غالباً ما تكون شكلية وغير مدروسة. ولهذا السبب، تكتسب لغة الإنترنت العديد من ميزات الكلام الشفهي أو بطريقة معينة تتلاعب بخصائصها وميزاتها.
نظراً لحقيقة أن الكلام التقليدي المكتوب لا ينقل الإيماءات وتعابير الوجه وترتيل النغمات، وفي لغة الإنترنت، ظهرت هناك أدوات بديلة لذلك. على سبيل المثال: الرموز التعبيرية هي صور مصصمة للتعبير عن مشاعر الشخص المتحدث. أثناء عملية الكلام الشفهي الحقيقية، يتم القيام بتنفيذ هذه الوظيفة من خلال التنغيم، وتعابير الوجه، والإيماءات، أما في النص المكتوب، فيوجد هناك عدد قليلٌ جداً من الوسائل التقليدية لنقل المشاعر – وهذا ما يفسر شعبية الرموز التعبيرية.
ومع ذلك، فإنه في بعض الأحيان تظهر هناك مشاكل معه. على سبيل المثال: ماذ ا يعني ضغط كف اليد مع كف اليد الأخرى – الشكر والإمتنان، الطلب، الصلاة، التصفيق، "أعطني يدك هكذا"؟ إستخدام هذه الرموز التعبيرية الغامضة بحذرٍ – بحيث يجب التأكد من أن معناها يتم تشفيره بشكلٍ جيد من سياق الكلام.
ومن أجل تعيين تعابير الوجه والترنيم الغائب في الكلام المكتوب بطريقة ما، فإنه إلى جانب إدخال أدوات إتصال جديدة، يتم إعادة التفكير في التعبيرات القديمة.
ولذلك، إكتسبت الأحرف الكبيرة معنى خاص: بدأ إستخدام الكلمة المكتوبة بمساعدتهم للدلالة إلى صرخة ونبرة متزايدة. وفي هذا السياق، فقد ظهرت حتى عبارة هزلية "لا ترفع عليَّ خطكَ". ولكنه ومع ذلك، فإنه في بعض الأحيان، يتم تمييز الكلمات الأكثر أهمية عنوان النص بالأحرف الكبيرة – ولكن حتى هذا يزعج أو يؤذي الكثيرين، كما وأن الإرتباط بين الأحرف الكبيرة والعدوان راسخٌ جداً
كما يؤكد الخبير اللغوي مكسيم كرونجاوز في المقابلة: "لقد أصبحت الرموز التعبيرية عنصراً مهماً جداً في التواصل. عادةً ما يتم وضع إشارة إبتسامة في نهاية الجملة. وعلاوةً على ذلك، فقد أصبح هذا أمراً شائعاً لدرجة أن غيابها أصبح يثيرُ القلقَ. خاصةً إذا كنا نتحدث عن الأشخاص الذي هم دون سن الثلاثين من عمرهم. إذ أنهم إذا لم يروا رمزاً في نهاية الجملة، فإنهم يعتقدون أن الشخص المحاور لهم قد إستاءَ وإنزعج منهم. أي أن وجود إشارات الإبتسامة هذه أصبحت حيادية، وليس بسبب غيابها وعدم كتابتها".
كما أن وظائف النقطة تغيرت تماماً. حيث إكتسبت العلامة الإلزامية المحايدة في نهاية أغلب الجمل سمعة سيئة في الحوارات على موقع الإنترنت: أصبحت الآن بالنسبة إلى الكثيرين علامة تدل على البرودة والإستياء والإنزعاج.
يقوم الإنترنت بتطوير نظام خاص من العلامات التي تحل محل الإيماءات وتعبيرات الوجه. إذ يمكنك بالطبع تجاهلها وكتابتها بالطريقة التي إعتدتَ عليها، ولكن بعد ذلك، يجب أن تكون مستعداً لحقيقة مفادها أن حوالي نصف الأشخاص الذين يتحاورون معك سيفهمونك بشكلٍ خاطئ. إذ أن اللغة ضرورية ليس من أجل إتباع قواعدها وأحكامها اللغوية فحسب، وإنما من أجل التواصل مع الأخرين. عليك بإختيار ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك: الإمتثال للمعايير التي لا تأخذ بالإعتبار خصوصيات سياق الكلام، أو لا يتم فهمها.
وظيفة النقطة في الحوارات على موقع الإنترنت باللغة الروسية تكون من خلال إستخدام إشارة مختصرة على شكل إبتسامة، مثل - «)». وفي بعض الأحيان، حتى في العبارات التي يتم تكرارها تكون على الشكل التالي - «)))». لقد أصبحت علامة محايدة وهي ودية في الحوار، وليس بالضرورة أن تكون من أساليب المرح والبهجة.
1 – عبارات الترحيب. 2 – مممم... 3 – رائع))). 4 – أنا أدرسُ في روسيا)
ومن الغريب أيضاً أن الرموز التعبيرية المختصرة أصبحت سمة مميزة للحوارات باللغة الروسية. لا يفضل إستخدام الرموز التعبيرية بين قوسين في المراسلات مع الأجانب: في كثير من الأحيان، هم لا يفهمون ما يعنيه هذا.
وبالفعل، ليس في الحوارات، ولكن في نصوص المنشورات على صفحات Facebook و Instagram، ظهرت هناك ميزة أخرى مثيرة للإهتمام – وهي عدم وجود نقطة في نهاية الفقرة في الجملة المكتوبة. وعلاوةً على ذلك، فإنه في الجمل المكتوبة في المنتصف ذات النقاط، كل شئ على ما يرام – هي ليست موجودة تماماً في النهاية.
هي تبدو هكذا.
على ما يبدو، يجب أن تؤكد التقنية المستخدمة على الإخلاص، والشعور بـ "تيار من الأفكار"، وهذا النقص الموجود في الفقرة يجبرك على قراءة أكثر للنص. وهذا التصميم يشبه إلى حدٍ ما أبياتَ الشِعرِ من خلال الإنتقال من سطرٍ إلى سطر – فقط هنا، يمكن الإنتقال من فقرة إلى فقرة أخرى.
٢٣.١٢.٢٠٢٠