إنَّ كل لغة هي رمزٌ للبلد الذي توجد فيه وتتطور. إنه منتج ومترجم لثقافة شعبٍ معين. ليس من قبيل المصادفة أن دور اللغة وأهميتها في العالم يعتمدان على دور ومكانة الدولة في هذا العالم، وتحديداً في المجالات السياسية، والاقتصادية، والعلمية والثقافية. في القرن الحادي والعشرين، أصبح دور روسيا في السياسة والإقتصاد العالميين أكثر وضوحًا. وهذا هو ما يحددُ إلى حدٍ كبير الشعبية المتزايدة للغة الروسية: الإهتمام بروسيا يزيدُ من الإهتمام باللغة أيضًا.
يُجيبُ على أسئلتنا حول تعقيدات دراسة اللغة الروسية من قبل ناتاليا فاسيليفنا تاتارينوفا، عميد الكلية التحضيرية للمعهد الحكومي للغة الروسية الذي يحمل إسم أ. س. بوشكين.
ما مدى صعوبة تعلم اللغة الروسية للمواطنين الأجانب؟
يتم التحدث باللغة الروسية ليس فقط في روسيا. إنها اللغة السادسة الأكثر شعبية في العالم والثامنة من حيث المتحدثين بها بصفتها اللغة الأم بالنسبة إليهم. اللغة الروسية هي أيضًا إحدى اللغات الرسمية في بيلاروسيا، وكازاخستان، ودولاً أخرى من دول الإتحاد السوفيتي السابق. في المحصلة، يتحدث حوالي 270 مليون شخص باللغة الروسية حول العالم. وبالإضافة إلى ذلك، فهي تنتمي إلى لغات العالم وتتمتع بمكانة لغة رسمية في المنظمات الدولية - الأمم المتحدة، واليونسكو واللجنة الأولمبية الدولية، وصندوق النقد الدولي وغيرها. وهناك حقيقة أخرى مثيرة للإهتمام: اللغة الروسية هي ثاني أكثر اللغات إستخدامًا على شبكة الإنترنت.
من الصعب تعلم اللغة الروسية: بنية صوتية ونغمة غير عادية (على سبيل المثال، الصوت [الأصوات] أو سؤال بدون كلمة سؤال: "هل هذا هاتفك؟") ، 6 حالات قواعدية للإعراب ، أفعال حركة (تعال - غادر - خرج - إقترب - غادر - أُدخل – الوصول – إلخ). وبشكلٍ عام، للإجابة على السؤال المتعلق بمدى صعوبة تعلم المواطن الأجنبي لللغة الروسية، يحتاج المرء إلى تذكر علم اللغة العام.
إنَّ اللغة الروسية – هي لغة من النوع التركيبي. ماذا يعني ذلك؟ إذا قمنا بتبسيط نظرية معقدة، فيمكننا القول بأن اللغات التركيبية - هي تلك اللغات التي يتم فيها التعبير عن العلاقات بين الكلمات في الجملة بشكل أساسي من خلال التصريفات (النهايات في آخر الكلمة). واللغات التي تنتقل بها نفس العلاقات في المقام الأول عن طريق حروف الجر وترتيب الكلمات تسمى التحليلية. اللغات الفرنسية والإنكليزية هي لغاتٌ تحليلية.
يتم تصنيف اللغات الصينية والفيتنامية وغيرها من اللغات الأخرى ضمن مجموعة اللغات المعزولة. وفي مثل هذه اللغات، لا يوجد تبديل للكلمات، ويتم التعبير عن العلاقات بين الكلمات من خلال إستخدام الكلمات الرسمية وترتيب الكلمات في الجملة. الجملة نفسها عبارة عن سلسلة من الجذور غير القابلة للتغيير، والتي تتوافق حدودها مع حدود الكلمات.
غالبًا ما يختار المتحدثون باللغة الأم كاللغة الإنكليزية، والفرنسية، والصينية لتعلم اللغة الروسية! إنه أمرٌ صعبٌ بالنسبة لهم، لكن تعلم اللغة الروسية أمرٌ حقيقي: توجد منهجية مطورة جيدًا لتدريس اللغة الروسية كلغة أجنبية والمؤهلات العالية لمعلمي تدريس اللغة الروسية كلغة أجنبية هي المفتاح لإتقان اللغة الروسية بنجاح.
لمن يتم بسهولة تعلم اللغة الروسية؟ ولم يعانون صعوبة في تعلمها؟ وهل هناك إختلافات عموماً؟
- وللإجابة على هذا السؤال، دعونا "نحلل" الأشخاص الذين بدأوا في تعلم اللغة الروسية: عمرهم، والبيئة اللغوية التي يتواجدون فيها، وجنسيتهم، والمعايير الأخرى. من الواضح أن هناك إستثناءات لأي قاعدة في ذلك، لكننا سنحاول تحديد بعض شروط التعليم الناجحة.
أولاً، هل يؤثر عمرُ الشخص الذي يبدأ في تعلم اللغة الروسية على نجاح تعليمه للغة؟ يُعتقد أن اللغة الأجنبية (بما في ذلك اللغة الروسية) تكونُ أسهل بالنسبة للأطفال مقارنة بالأشخاص البالغين. ولكنه ليس كذلك. هناك مزايا لتعلم اللغات الأجنبية في كل عمرٍ وفي أي سنٍ لدى الإنسان. ولذلك، فإن الأطفال الصغار هم مقلدون ممتازون، فهم لا يخشون نطق الكلمات الأجنبية أبداً، وهم لا يخشونَ إرتكاب أخطاء في كلامهم. ومن الأسهل كثيراً على الشخص البالغ تحليل أوجه التشابه والإختلاف بين اللغات الأم واللغات الأجنبية، مما يسهل عليه عملية التعلم بشكل كبير.
ثانياً، يعتقد أنه في بيئة اللغة، يتعلم الطلاب نظام تعلمِ اللغة الروسية بشكل أسرع بكثير، ومن الأسهل تجديد مفردات اللغة لديهم، والتغلب على حاجز اللغة بشكل أسرع ولا يواجهون صعوبات جدية في الإستماع والتحدث. ومن الواضح أنه في الظروف الحالية، يُحرمُ الطلابُ مؤقتاً من فرصة القدوم والسفرِ إلى روسيا. ولكن مع وجود مؤسسة مختصة في العملية التعليمية، يُمكنُ للمعلم إعادة إنشاء بيئة اللغة حتى عبر الإنترنت.
ثالثاً، جنسية الشخص. من الواضح أن اللغة الروسية تكونُ سهلةُ بالنسبة للمتحدثين باللغات السلافية: السلافية الشرقية (البيلاروسية والأوكرانية)، والسلافية الغربية (البولندية، والتشيكية، والسلوفاكية)، والسلافية الجنوبية (البلغارية، والصربية، والسلوفينية، والمقدونية).
إنَّ تشابهَ الأنظمة الصوتية والمعجمية والنحوية يجعل من السهل على الطلاب الأجانب تعلم اللغة الروسية. ولكن في الممارسة العملية والتطبيقية لأي معلم، يوجدُ هناك طلابٌ متحدثون أصليون باللغات والثقافات غير السلافية الذين أتقنوا اللغة الروسية على أعلى مستوى.
وأخيراً، هناك طرق مختلفة لتعلم اللغة: بشكل مستقل ذاتي أو مع المعلم. إذا تمت دراسة اللغة مع المعلم، فإنه يجب أخذ تأهيل المعلم المتخصص في هذا الشأن في الإعتبار. في كثير من الأحيان، يعتمد نجاح الطالب الأجنبي في إتقان اللغة الروسية على الكفاءة المهنية للمعلم. إذ يعرفُ المعلم المختص منهجيةَ تدريسِ اللغة الروسية كلغة أجنبية، ويعرفُ الخصائص النفسية، والاجتماعية والثقافية للطلاب الأجانب، ويمكنهُ الإختيارَ من بين عدد كبير من المواد التعليمية تلك الكتب المدرسية والكتب المدرسية التي ستساعد في تحقيق هدف التعلم.
يمكنك البدء في تعلم اللغة الروسية في أي عمرٍ كنت فيه، ويفضل أن يكون ذلك في بيئة لغوية (ولكن لا تعتقد أن نمذجة بيئة اللغة مستحيلة عبر الإنترنت أون لاين). وبشكلٍ أساسي، فإن تعلم اللغة الروسية يكون من الأسهل بالنسبة لأولئك الطلاب الذين يتعلمون من المعلم المهني الحقيقي، الذي لديه مؤهلات عالية في مجال طرق تدريس اللغة الروسية كلغة أجنبية، وكذلك مع المعلم، الذي بغض النظر عن العمر، والخصائص الوطنية وغيرها للطالب الذي يكونُ قادراً على تعليم الأجنبي بالتحدث، والقراءة، والكتابة باللغة الروسية، مما يفتحُ عالم الثقافة الروسية بالنسبة إليه.
وفقاً لآراء ووجهة نظر الطلاب الأجانب، فإنهُ من الصعب تعلم اللغة الروسية، لكن ذلك أمرٌ حقيقي. إنَّ أصعب شيء، كما يقول معظم الشباب، هو دراسة القواعد اللغوية، وحالات الإعرابِ اللغوية، والأفعال. تحتاج إلى الإنتباه إلى الحركات التي يتم وضعها بشكل صحيح على الكلمات، وإلا قد يتغير معناها.
وفي الوقت نفسه، فإن الجميع يتفقُ على أنه من المثير للإهتمام للغاية تعلم اللغة الروسية، وكذلك الثقافة الروسية بشكل عام. ليس سراً أنه من الأفضل تعلم لغة أثناء التواجد مباشرةً في بيئة اللغة والتواصل بإستمرار مع الأشخاص الناطقين بهذه اللغة. ولذلك، وعلى الرغم من الإستحالة الواضحة للتغلب على جميع الصعوبات، فإنه لا يزال الشباب يتقنونها جيداً، يبدأ البعض في التحدث بطلاقة، وقراءة أعمال كلاسيكيات الأدب الروسي.
١٨.٠٤.٢٠٢١