وفي ضوء التحديات والتغيرات الحديثة في الفضاء التعليمي العالمي، أصبح التعليم الروسي أكثر تنافسية وجاذبية للطلاب الأجانب. وبهذا الخصوص، تلعبُ وزارة الخارجية الروسية دوراً رئيسياً في إقامة وتعزيز العلاقات الدولية، وفتح فروع للجامعات الروسية في الخارج وتُقدم المساعدة في جذب الطلاب الأجانب للدراسة في الجامعات الروسية. ويتحدث أليكساندر سيرجييفيتش أليموف، مدير إدارة التعاون الإنساني المتعدد الأطراف والعلاقات الثقافية في وزارة الخارجية الروسية بأنهُ يجري العمل على تعزيز مكانة التعليم الروسي.
ما هي الأدوار وكيف يتم تعيين الصلاحيات والوظائف والمهام المُسندة إلى وزارة الخارجية الروسية اليوم في مجال التعاون الإنساني، وعلى وجه الخصوص، في مجال تقديم الدعم وتصدير التعليم الروسي؟
وفي إطار أنشطة الوزارة، نُولي إهتماماً كبيراً للتعاون التعليمي مع الدول الأجنبية كعامل مهم في مجال تطوير وتعزيز العلاقات الدولية متعددة الأوجه، وتعزيز مكانة ودور روسيا لإعطاء صورة موضوعية عنها في العالم.
تأسست إدارة التعاون الإنساني المتعدد الأطراف والعلاقات الثقافية، التي أترأسها شخصياً في عام 2022 ميلادية، وتشاركُ ضمن إختصاصها ومهامها في مجال تطوير وتنفيذ السياسة الحكومية الموحدة لروسيا الإتحادية والتي تهدفُ إلى تطوير التعاون متعدد الأطراف والتعاون الإقليمي في مجالات الثقافة، والعلوم، والتعليم، والسياحة، والرياضة، وتبادل الخبرات بين جيل الشباب وتعزيز مكانة اللغة الروسية في العالم. كما وتشملُ أقسام إدارة التعاون الإنساني المتعدد الأطراف والعلاقات الثقافية أيضاً أمانة لجنة روسيا الإتحادية لليونسكو.
وينصبُ تركيزنا على القضايا الأساسية ذات الصلة في مجال تطوير الجامعات الروسية الوطنية (السلافية)، وشبكة من فروع الجامعات تتبع للمؤسسات التعليمية الوطنية في الخارج، وكذلك شبكة واسعة من الجامعات التعليمية.
كما تشملُ وظائفنا ومهامنها أيضاً التنسيق والعمل في مجال إختيار المواطنين الأجانب والأشخاص عديمي الجنسية الذين لا يحملون جنسية أي بلد الذين يعيشون في الخارج للدراسة في المؤسسات التعليمية الروسية ضمن حصة المنح الحكومية التي تحددها حكومة روسيا الإتحادية (بدءاً من عام 2023 ميلادية، حيثُ وصل عدد تلك المنح الحكومية المجانية إلى 30 ألف منحة دراسية على حساب ونفقة الميزانية الروسية). ونعملُ عن كثب مع هيئة التعاون الروسية وكذلك مع وزارة التعليم والعلوم الروسية بشأن هذه المسألة.
كما أننا نُساعدُ الإدارات والمنظمات ذات الصلة في مجال تنفيذ المشاريع والفعاليات الدولية واسعة النطاق، والأنشطة لتعزيز الإنجازات الوطنية في مجال العلوم والتعليم، ونعملُ على تقديم الدعم والخبراء في مجال الخبرة في تحديد الأولويات الإقليمية بين الدول للتعاون العلمي والتعليمي الدولي، وإقامة الإتصالات ذات الصلة مع الشركاء الأجانب.
وبموجب المرسوم الصادر عن رئيس روسيا الإتحادية بتاريخ 7 مايو عام 2024 ميلادية، تم تحديد مهمة تصدير التعليم الروسي كأحد الأهداف الوطنية لروسيا. كما أنَّ مؤشر هذا الهدف يجبُ ألا يقل عن 500 ألف طالب أجنبي بحلول عام 2030 ميلادية. وهذا يعني أنَّ عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الروسية ينمو تقريباً بمعدل 2 (مرتين) في خلال مدة 5 سنوات.
وهذه ديناميكية مهمة إلى حدٍ ما وتتطلبُ جهوداً من جميع المشاركين في الصادرات التعليمية. ما هي المساهمة التي يُمكنُ أن تقدمها وزارة الخارجية لتحقيق تلك المؤشرات في هذا المجال؟ وهل يتم إعداد الخطط والمبادرات المحددة التي يجري إعدادها لآليات لتحقيق هذه المؤشرات؟
كما أنهُ وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة التعليم والعلوم الروسية، يبلغُ عدد المواطنين الأجانب الذين يدرسون حالياً في الجامعات الروسية في برامج دراسات البكالوريوس والماجستير حوالي 355 ألف طالب وطالبة.
وأغلبية هؤلاء هم بشكلٍ أساسي من مواطني بلدان رابطة الدول المستقلة عن روسيا، ومن بلدان الشرق الأوسط، ومن دول آسيا وإفريقيا. وإذا ما أضفنا إلى ذلك عدد الطلاب الذين يدرسون في الفروع الأجنبية للجامعات الروسية، فإن هذا الرقم سيكون أكثر من ذلك بكثير. وهذا هو الحد الأقصى لعدد الطلاب في تاريخ إستقطاب وجذب الطلاب الأجانب إلى بلدنا. ولذلك، ولكي نكون دقيقين أكثر، ما زلنا لا نتحدث عن زيادة أعداد الطلاب الأجانب.
وعلاوةً على ذلك، تحتفظ روسيا بثقة على مكانتها كواحدة من أبرز المُصدرين للخدمات التعليمية في العالم. كما أنَّ بلدنا هو من بين الدول العشرة الأوائل من حيث الحراك الدراسي الوافد إليها على الرغم من السياسة المعادية وغير الودية من خصوم روسيا التي تهدفُ إلى الحد من مشاركتنا في المنافسة في سوق التعليم العالمي.
ومن المؤشرات المهمة للجودة العالية للتعليم الروسي هو حقيقة أنَّ عدداً كبيراً من المواطنين الأجانب يدرسون في جامعاتنا على أساس العقد الدراسي على نفقتهم وحسابهم الخاص الذي يتم إبرامهُ مع الجامعة. وهذا يعني أنَّ نظامنا التعليمي يقوم بإعداد وتدريب المتخصصين المطلوبين في سوق العمل، وهذا يضمنُ إستمرار الطلب على التعليم في روسيا في المستقبل.
وفي الوقت نفسه، يجب أن نعترف بأنَّ تنفيذ تعليمات الرئيس الروسي سيتطلبُ جهوداً خاصة من الإدارات والمؤسسات التعليمية ذات الصلة، وفي المقام الأول فيما يتعلقُ بمنح مكان للإقامة والسكن في السكن الجامعي الطلابي للأجانب. وتعتبر الظروف المعيشية المريحة للدراسة والإقامة ذات أهمية كبيرة. ومن المشجع أنَّ العمل على تصميم وبناء الحرم الجامعي الجديد والحديث في المراكز التعليمية الكبيرة قد بدأ بالفعل.
هناك حاجة إلى زيادة مستوى تحسين مؤهلات المتخصصين المعنيين بالعمل مع الطلاب الأجانب من قبل موظفي الجامعات المحلية والعمل على تحسين نظام الدعم الإستشاري لهم ومرافقة الطلاب الأجانب في روسيا وتأقلمهم وتكيُّفهم على الدراسة في روسيا. وهذا سيجعل إقامة الطلاب الأجانب في بلدنا أكثر راحة وخالية من المشاكل، بما في ذلك من الناحية الأمنية.
وبالإضافة إلى نظام الحصص والمنح الدراسية المجانية، يمكن أن تكون المنح الدراسية حلاً جديداً لم يُستخدم سابقاً في هذا المجال. ويمكن أن يؤدي تقديم الدعم من خلال المنح الدراسية المجانية لمواطني الدول الأجنبية، وخاصةً من الدول غير المنتمية لرابطة الدول المستقلة عن روسيا إلى زيادة الرغبة بالدراسة في المؤسسات التعليمية الروسية. وهذا يُغطي تكاليف السفر، والإقامة والسكن، والتأمين الطبي، وراتب مالي يُماثل الحد الأدنى لمستوى وتكاليف المعيشة. كما يتم توفير تدابير دعم مماثلة من قبل الدول الأخرى التي تحتل مراكز رائدة في السوق العالمية للخدمات التعليمية. وتعملُ وزارة التعليم والعلوم الروسية أيضاً على هذه المسألة، وآملُ أن يتم تنفيذ هذا الإجراء في المستقبل القريب.
كما سيكونُ من المفيد القيام بعمل حملات إعلامية واسعة النطاق، بما في ذلك، على شكل معارض ومهرجانات تعليمية، تشاركُ فيها الجامعات الروسية ذات الصلة.
وترتبط القدرة التنافسية في سوق العمل في الخارج إرتباطاً مباشراً بالإعتراف بالشهادات الروسية في الخارج، ولذلك فإنهُ من المهم جداً توسيع قائمة البلدان التي أبرمتْ معها روسيا إتفاقيات ثنائية بشأن التعاون في مجال التعليم.
ما هي أشكال تعزيز التعليم الروسي حالياً الأكثر فعالية في تعاون روسيا الإتحادية مع الدول الشريكة؟
من الضروري التعامل مع مسألة تعزيز التعليم الروسي بطريقة شاملة، وبناء مسار تعليمي متواصل ومستمر للطالب.
نحن نتفهمُ وندركُ أنَّ أحد العوامل الحاسمة في تفضيل روسيا كمكان للتعليم العالي هو إتقان مُقَدِم الطلب – ويُقصد به هنا الطالب الأجنبي للغة الروسية. إذْ أنَّ هذا يُساهم في زيادة مستوى الوعي حول بلدنا، وتكوين فكرة جيدة تجاه بلدنا، وإتقان ودراسة المناهج الدراسية بشكلٍ أفضل. كما أنَّ مهمتنا الأساسية - هي توسيع فرص دراسة اللغة الروسية في الخارج.
وينبغي تنفيذ هذه المهمة بدءاً من مستوى التعليم الابتدائي والتعليم العام، ويكون ذلك من خلال بناء المدارس، وإرسال مدرسي اللغة الروسية والمتخصصين في المواد الدراسية إلى مؤسسات التعليم العام في الخارج، وتجهيز مُعدات ومراكز للتعليم الإضافي التي تُدرسُ باللغة الروسية، والقيام بتنظيم رحلات دراسية لتلاميذ المدارس إلى روسيا، وغيرها من التدابير الأخرى ذات الصلة. كما ويجب زيادة عدد الفرص المتاحة لتعلُمِ اللغة الروسية على شكل دورات دراسية لدراسة وتعلُم اللغة والدراسة فيها بدوام كامل وكذلك التعلم والدراسة عبر شبكة الإنترنت. وقد شهدنا نتائج إيجابية من خلال إفتتاح فروع للجامعات الروسية وكلياتها التحضيرية في الخارج: مثل توسيع شبكة الجامعات الروسية الوطنية (السلافية)، وإدخال التعليم عن بُعد، وإنشاء البرامج الدراسية "الشهادات (الدبلومات) الثنائية المزدوجة" في إطار شبكة جامعات بلدان رابطة الدول المستقلة عن روسيا، والإتحاد الإقتصادي الأوراسي، ورابطة دول البريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وتطوير الروابط الأفقية بين الجامعات، بما في ذلك، على شكل برامج التبادل الأكاديمي الدراسي بين تلك الجامعات. وفي الوقت نفسه، تجدرُ الإشارة هنا إلى أنَّ شركائنا الأجانب يتحدثون بشكلٍ متزايد عن الطلب على برامج التعليم الروسي المهني المتوسط.
هل يمكنكم تسمية وذكر أهم الطلبات ذات الصلة والأكثر إلحاحاً من الشركاء الأجانب فيما يخصُ التعليم العالي الروسي؟ وبعبارة أخرى، ماذا يتوقعون منا، وما هي الأشكال أو "المنتجات التعليمية التي توجدُ لدينا"؟
كما أنَّ طلبات الشركاء هي مشروطة بالإحتياجات الحالية للإقتصادات الوطنية وهي تختلفُ حسب مستوى المعيشة في الدولة، والحاجة كذلك إلى معالجة التحديات والمهام المحددة في المنطقة.
ويتم الإعراب عن هذه الطلبات في إطار إجتماعات ممثلين عن الوكالات والهيئات ذات الصلة وإجتماعات اللجان الحكومية للدول المعنية، وكذلك على هامش الأحداث والمناسبات الدولية الكبرى، مثل المنتدى الدولي لوزراء التعليم "بناء وصياغة المستقبل" الذي عُقد في بلدنا، والذي نُقدمُ له من جانبنا الدعم السياسي والدبلوماسي والتنظيمي.
وهناك إهتمام كبير بالبرامج التعليمية التي تتميزُ بها بلادنا تقليدياً، مثل التخصصات في المجالات الهندسية، والمهن الإبداعية، والطب والطاقة، فضلاً عن المجالات الجديدة، مثل: تكنولوجيا المعلومات، والإتصالات والتقنيات العالية. وبالإضافة إلى ذلك، تحظى بعض التخصصات الدراسية مثل الزراعة، والإقتصاد، والإدارة، وعلوم اللغويات، والحقوق (العلوم القانونية) بشعبية كبيرة بين المتقدمين – الطلاب الأجانب.
والسؤال الأخير. كما يقولون: "شعوب ودول في الشرق – هي مسألة حساسة."ما هي التفاصيل الدقيقة التي يجب أن تعرفها وتُركزَ عليها الجامعات الروسية وتأخذها في الإعتبار والحسبان مع التحول الواسع النطاق نحو الشرق الذي بدأتْ روسيا بتنفيذه؟ ما هي التوصيات التي يمكنكم أن تُقدموها بهذا الخصوص؟
وأودُ أن أوضح هنا أنَّ الأمر يتعلق أكثر بتحويل التركيز نحو البلدان في جنوب الكرة الأرضية، في حين أنَّ بلدي لا يزالُ منفتحاً على مسائل التعاون الإنساني مع جميع القوى البناءة.
تشتهرُ روسيا تقليدياً بمؤسساتها القوية في مجال الدراسات الإقليمية الأجنبية، بما في ذلك، معهد الدراسات الإقليمية الأجنبية التابع لوزارة الخارجية الروسية، ومعهد الدراسات الإفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ومعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ومعهد الدراسات الآسيوية والإفريقية التابع لجامعة موسكو الحكومية التي تحملُ إسم / م. ف. لومونوسوف، وكلية الدراسات الشرقية التابعة لجامعة سانت بطرس بورغ الحكومية، وغيرها من الجامعات المرموقة الأخرى. وبالطبع، لا يمكننا أن نتجاهل إسم الجامعة الروسية للصداقة بين الشعوب التي تحملُ إسم / باتريس لومومبا، وهي مؤسسة تعليمية رائدة في العمل مع الطلاب الأجانب منذ الحقبة السوفياتية. ومما لا شك فيه أنَّ كفاءاتهم ومهاراتهم اللغوية ستكونُ مفيدةً في بناء علاقات تعليمية وتفاعل سياسي وإقتصادي مع بلدان الجنوب العالمي.
كما أننا نعتزم الإستفادة من هذه الإمكانيات بشكلٍ أكثر فعالية لإقامة إتصالات متبادلة المنفعة بين الجامعات. وينبغي أن يصبح هذا بدوره قوة دافعة لتطوير مجالات تعليمية جديدة، وإنشاء برامج التبادل الدراسي والبرامج الدراسية "الشهادات (الدبلومات) الثنائية المزدوجة" مع الشركاء، وتنظيم وعمل دورات التدريب العملية الداخلية وإقامة المشاريع المشتركة. ولهذا السبب، فإنهُ من المهم جداً وجود موظفين يتمتعون بجودة عالية من الخبرة في الأقسام الجامعية المسؤولة عن التعاون الدولي والعمل مع الطلاب الأجانب. إنَّ العمل الدؤوب الذي تقومُ به هذه الأقسام، والإهتمام اللازم بخصائص وعقلية الطلاب الأجانب وإختلافاتهم الدينية، والثقافية سيساهمُ في بناء تعاون ناجح مع ممثلي شعوب الدول الشرقية الذين يأتون للدراسة إلى بلدنا. ومن أي دولة جاء الطلاب الأجانب إلى بلدنا، ينبغي تعريفهم بتاريخنا وبثقافتنا الغنية التي تعودُ إلى قرون من الزمن، والقيام بتنظيم رحلات في جميع أنحاء البلاد، وزيارات للمسارح، والمتاحف والمعارض. ومن المهم كذلك الإهتمام بقضايا تنشئتهم وبيئتهم الإجتماعية، والتواصل مع زملائهم من الطلاب والمواطنين الروس، وإشراكهم في عمل مجالس الجاليات من أبناء وطنهم الأم، وفي المؤسسات الشبابية الطلابية وكذلك في المُجمعات والرابطات العلمية.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك وعي وفهم متزايد في البلدان في جنوب الكرة الأرضية بتضمين عنصر ومُكون القيمة المدمرة في ما يُسمى بالتعليم الغربي، الذي يتعارضُ مع التقاليد الإقليمية والأُسس الأخلاقية التي تعود إلى عدة قرون من الزمن. وعلى العكس من ذلك، يتميزُ التعليم الروسي بإحترام مؤسسة الأسرة، وسُلطة وهيبة كبار السن، ومُراعاة القيم الروحية، والأخلاقية التقليدية وخصائصها ومزاياها الإقليمية. ومن جانبنا، نودُ أن نُوضحَ مخاطر زيادة التبعية في مجال التعليم - فقد يؤدي ذلك إلى مزيدٍ من التنازلات القسرية في المجالين الإقتصادي والسياسي، وكذلك إلى فقدان جزئي للسيادة. وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك.
٣٠.١٠.٢٠٢٤